اعلام من تونس : زين العابدين بن علي
ولد زين العابدين بن علي يوم 3 سبتمبر 1936 بحمام سوسة في عائلة متواضعة فتربى على احترام التقاليد ومعاني الكرامة وحب الوطن والميل إلى البساطة وقيم التسامح والاجتهاد والدقة.
وحين كان تلميذا بمعهد سوسة، دعاه نداء الواجب تجاه الوطن وأثاره جور الاستعمار فانخرط بن علي بلا تردد في النضال ضمن الحركة الوطنية آخذا على عاتقه مهمة التنسيق بين الهياكل الجهوية للحزب الدستوري الجديد والمقاومة المسلحة، الأمر الذي أدى إلى سجنه ثم طرده من كل المؤسسات التعليمية بتونس.
إلا أن ذلك لم يثن عزمه عن مواصلة دراسته التي سرعان ما استأنفها بهمة وإصرار لينتقل إلى الدراسة العليا.
وتقديرا لذكائه وقدرته العالية على العمل، قرّر الحزب إرساله إلى فرنسا فأصبح بذلك عنصرا من النواة الأولى لما سيكون في ما بعد “الجيش الوطني”.
تحصّل بدءا على دبلوم المدرسة المختصة للجيوش بـ “سان سير” – بريطانية –
أحرز شهائد من مؤسسات أخرى لا تقل أهميّة هي : مدرسة المدفعية بـ “شالون سور مارن” بفرنسا
والمدرسة العليا للاستعلامات والأمن ومدرسة المدفعية المضادة للطيران بالولايات المتحدة الأمريكية.
كما تحصّل على شهادة مهندس في الالكترونيك.
أسس إدارة الأمن العسكري سنة 1964 حيث أشرف على تسييرها لمدة عشر سنوات.
عُيّن ملحقا عسكريا بالمغرب وإسبانيا فالتحق بالرباط سنة 1974.
ثم عين بديوان وزير الدفاع قبل أن يضطلع بمهام مدير عام للأمن الوطني في ديسمبر 1977.
وفي أفريل 1980 عيّن سفيرا لتونس بفرصوفيا.
ليدعى بعدها مجددا في جانفي 1984 ليتولى خطة مدير عام للأمن الوطني، وليتولى في مرحلة ثانية مهام كاتب دولة للأمن الوطني في 29 أكتوبر 1984.
ثم وزيرا للأمن الوطني في 23 أكتوبر 1985.
وفي 28 أفريل 1986 أصبح وزيرا للداخلية.
وفي جوان من نفس العام أصبح عضوا في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري ثم أمينا عاما مساعدا للحزب، بعد أن ارتقى إلى رتبة وزير دولة مكلف بالداخلية وذلك في ماي 1987.
وفي 2 أكتوبر من نفس السنة عُيّن، وهو في الواحدة والخمسين من عمره، وزيرا أوّل مع الاحتفاظ بحقيبة الداخلية. كما أصبح أمينا عاما للحزب الاشتراكي الدستوري.
وفي الوقت الذي كانت تحاك فيه الدسائس حول الرئيس الحبيب بورقيبة الذي أقعدته الشيخوخة وأنهكه المرض، كان بن علي ينأى بنفسه عن النزاع المصلحي ولعبة التحالفات. بل على العكس من ذلك، كان يعمل على تنقية المناخ السياسي وتكريس التفتح على المنظمات مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومد جسور التواصل مع أحزاب المعارضة، الأمر الذي جعله يحظى بمساندة الطبقة السياسية وتقديرها حيث رأت فيه، منذ ذلك الحين، رجل الحوار والتفتّح.
حين أصبح وزيرا أول، تحمّل بن علي باقتدار الاضطلاع بمسؤولية إصلاح أوضاع البلاد وهي في أوج أزمتها. فتصدى بحزم للدسائس وضاعف من جهوده لإشاعة الطمأنينة ساعيا إلى إعادة الثقة في النفوس متبنيا حلولا منطقية وواقعية ومرجحا في كل مرة كفّة المصالح العليا لتونس، في الوقت الذي كان فيه الرئيس بورقيبة يغيب تدريجيا حتى أضحى منقطعا تماما عن واقع البلاد.
وبالاستناد إلى تقرير طبي محرّر من قبل سبعة أطباء مباشرين للرئيس بورقيبة يقرّ عجزه التام عن الاضطلاع بمهامه، وعملا بالفصل 57 من الدستور، تولى الوزير الأول زين العابدين بن علي يوم 7 نوفمبر 1987 رئاسة الدولة، وتم نقل السلطة في كنف الهدوء التام واحترام الشرعية الدستورية. وقد رأى الملاحظون في ذلك مثالا للسلوك الحضاري. وهو تقدير دعمه الموقف حيال الرئيس السابق وما أحيط به من رعاية.
وفي 2 أفريل 1989 تمّ انتخاب زين العابدين بن علي كرئيس للجمهورية، بصفته مرشح كل التونسيين بمختلف توجهاتهم وحساسياتهم السياسية، رئيسا للجمهورية، وتجدد نفس الإجماع حول الرئيس بن علي في انتخابات 20 مارس 1994 و24 أكتوبر 1999 بأغلبية ساحقة و2004.
والرئيس زين العابدين بن علي متزوّج وأب لخمسة أبناء.
ومنذ توليه السلطة حرص الرئيس بن علي على الإيفاء بالالتزامات والوعود التي تضمنها بيان السابع من نوفمبر وهي : • دولة القانون والمؤسسات • سيادة الشعب • المصالحة الوطنية • احترام الحريات الأساسية • الديمقراطية • التعددية • العدالة الاجتماعية • التضامن
وتم تعديل الدستور لإلغاء الرئاسة مدى الحياة والخلافة الآلية.
وأعيدت هيكلة المجلس الإقتصادي والإجتماعي وتوسعت صلاحياته وأصبح ممثلا لمختلف التيارات الاجتماعية والسياسية بهدف تحقيق إجماع وطني حول الخيارات التنموية الكبرى.
و أحدث مجلس دستوري لمراقبة دستورية القوانين نصا وروحا. وصارت آراء المجلس الدستوري، بعد تعديل الدستور سنة 1988، ملزمة لجميع السلط العمومية.
. وتمّ تعديل مجلة الصحافة في ثلاث مناسبات لإضفاء طابع الحداثة والتحرّر على فصولها وتمكين الصحافيين من ظروف عمل ملائمة وأصبحت حريّة التعبير مضمونة.
في سنة 1988 صدر قانون للأحزاب حدد شروط إحداث التنظيمات السياسية وأعطى دفعا جديدا للتعددية. وشهدت تونس لأوّل مرة في تاريخها، خلال انتخابات 2 أفريل 1989 السابقة لأوانها، إجراء انتخابات في كنف الشفافية والتقيّد بالقانون.
وبفضل التعديلات التي أدخلت على المجلة الانتخابية أمكن للمعارضة، لأوّل مرّة منذ استقلال تونس سنة 1956، دخول البرلمان خلال انتخابات 1994. فعلى ضوء التنقيحات التي أدخلت على المجلة الانتخابية سنة 1988، تمكّنت المعارضة من الحصول في الانتخابات التشريعية ليوم 24 أكتوبر 1990 على 20% من مقاعد البرلمان، وهي نفس النسبة التي أتيح لها الحصول عليها في الانتخابات البلدية لسنة 2000. كما أتاحت تعديلات أخرى مثل تخفيض السن الأدنى للترشح للبرلمان إلى 23 عاما وفتح باب الترشح أمام الشباب التونسي، سواء كان من أب تونسي أو من أم تونسية، آفاقا أوسع للمشاركة السياسية أمام فئات هامة من المجتمع.
وقد تمّ تعديل الدستور من أجل ضمان تعدّد الترشحات الرئاسية، وهو ما تجسّد لأوّل مرّة في تاريخ البلاد في الانتخابات الرئاسية ليوم 24 أكتوبر 1999.
وتعزيزا لمقومات النظام الجمهوري ومجتمع الحرية، وتدعيما للديمقراطية والتعددية والحريات العامة وحقوق الانسان، تقدّم الرئيس زين العابدين بن علي في 13 فيفري 2002 بمشروع إصلاح دستوري جوهري يعتبر الأشمل والأكثر عمقا في تاريخ الجمهورية التونسية بهدف تحقيق نقلة نوعية للنظام السياسي تأسيسا لجمهورية الغد التي كان قد أعلن عن خطوطها الكبرى في خطابه بمناسبة الذكرى 14 للتحوّل في 7 نوفمبر 2001.
ونزّل هذا الإصلاح حقوق الإنسان والحريات منزلة خاصة في نص الدستور، وأثرى الوظيفة التشريعية بإحداث غرفة برلمانية ثانية (مجلس المستشارين). وعزّز دور المجلس الدستوري ودعّم استقلاليته إضافة إلى مزيد تفعيل علاقة الحكومة بالبرلمان وتطوير نظام الانتخابات الرئاسية و عرض الرئيس زين العابدين بن علي مشروع الإصلاح على الاستفتاء الشعبي حتى يكون هذا الإصلاح تكريسا لخيار الشعب وطموحاته وقد شارك التونسيون بكثافة في هذا الاستفتاء الأوّل من نوعه في تاريخ الجمهورية التونسية وعبّروا عن مساندتهم المطلقة لمضامين الإصلاح الدستوري.
وفي 12 سبتمبر 2002 تقدم الرئيس بن علي بمشروع قانون دستوري يسمح بتوسيع الترشحات للانتخابات الرئاسية القادمة بصفة تتيح للأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب تقديم مرشح عنها لانتخابات 2004.
وبعد أسبوعين من التغيير، تمّ إقرار مشروع قانون يحدد الاحتفاظ والإيقاف التحفظي لأوّل مرة، وإلغاء محكمة أمن الدولة وخطة الوكيل العام للجمهورية. كما ألغت تونس عقوبة الأشغال الشاقة، وصادقت بدون تحفظ على اتفاقية 1981 التي أقرتها الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما تمّ إقرار حقوق الطفل بموجب القانون ونشر ثقافة حقوق الإنسان على أوسع نطاق.
وفي سنة 1999 صدر قانون جديد يقلّص مدّة الإيقاف التحفظي ويقرّ العمل من أجل المصلحة العامة كعقوبة بديلة عن السجن شريطة موافقة المعني بالأمر، ويقدّم تعريفا للتعذيب يتطابق مع التشريعات الدولية التي أقرّتها تونس بدون تحفظ. كما أقرّ مبدأ التقاضي على درجتين في القضايا الجنائية وإحداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات وتمّت إحالة المؤسسات العقابية وإدارتها إلى وزارة العدل.
ومكّنت الإصلاحات الاقتصادية التي أنجزتها تونس من تحقيق وتيرة نمو اقتصادي في حدود 5% منذ تغيير السابع من نوفمبر 1987، ونسبة تضخم لم تتعد 2,7%.
وباشرت تونس تنفيذ برنامج وطني لتحديث النسيج الصناعي وتأهيله في إطار اتفاق شراكة وتبادل حرّ وقعته مع الاتحاد الأوروبي عام 1995.
وما انفكت البنية الأساسية الحديثة والتشريع الملائم، إضافة إلى مناخ الإستقرار الاجتماعي والسياسي والنماء الاقتصادي، تساهم في استقطاب المستثمرين.
و أحدث بن علي صندوق التضامن الوطني المعروف بـ 26-26 على اثر زيارة فجئية إلى إحدى التجمعات السكنية النائية في ديسمبر 1992. وهو إجراء كان له صدى واسع لدى التونسيين الذين استجابوا لنداء رئيسهم وتبرعوا بتلقائية لفائدة الصندوق بهدف فك عزلة متساكني مناطق الظل وتحسين ظروف عيشهم وتمكينهم من أسباب العيش الكريم.
وبالإضافة إلى ذلك، أحدث الرئيس بن علي البنك التونسي للتضامن عام 1997 لتمويل آلاف المشاريع الصغرى سنويا، ولإحداث مواطن الشغل للشباب وحاملي الشهادات العليا.
كما إحداث صندوق وطني لتشغيل الشباب (صندوق 21-21).
وبادر الرئيس بن علي بإصلاح نظام التعليم الذي أصبح إجباريا حتى سن 16 سنة، وهو ما مكّن تونس من تحقيق نسبة تمدرس فاقت 99%، وأتاح غرس قيم الانفتاح والتسامح والإبتكار لدى الناشئة
واتخذ الرئيس بن علي عديد الإجراءات القانونية الرائدة لمزيد دعم قيم المساواة بين الرجل والمرأة من خلال تطوير مجلة الأحوال الشخصية، الأولى من نوعها في العالم العربي والأكثر تطوّرا بخصوص التشريعات المتعلّقة بالمرأة، ممّا قضى على كل مظاهر التمييز بين الجنسين.